صديقي العزيز...
استيقظت اليوم متسائلةً إذا كنت أستحق
أن يحارب أحدهم لأجلي، تُرى، هل سألت نفسك السؤال ذاته اليوم؟ حين تفكر في الأمر مرارًا،
يبدو السؤال طفوليًا أكثر وأكثر... فحياتُك وحياتي ليستا جزءًا من قصص ديزني، والحياة
الحقيقية كريهة إلى حد لا يوصف.
ككل يوم، أستيقظ أنا وأنت، ونعيش حياتنا
كما عشناها البارحة، نجر أذيال الخيبة والانهزامات المتتالية، وللمرة المئة ألفٍ وثلاثمئةٍ،
نقرر البدء من جديد، نقرر المحاولة مرة أخرى. ما هو معنى الحياة؟ يجب أن نخلق معنى
لها، وإلا نكون على وشك الجنون — إن لم نكن بالفعل جنَّ جنوننا.
حسنٌ، اليوم سأغير حياتي. اليوم سآكل
طعامًا صحيًا، سأذهب لرفع الأثقال، وسأتعلم الجيتار، وسأبدأ دروس اللغة الألمانية!
سأفتح "لينكدإن" وأبحث عن وظيفة جديدة... لكن المشكلة — كما تكتشفها كل ليلة
— ليست في حياتك، ولا في عملك، ولا نظام أكلك؛ المشكلة قابعة في عقلك، وعلى الأرجح
ستظل هناك.
ما هي طريقة الحياة — أو كما يقول الإنجليز
"لايف ستايل" — الصحيحة؟ ماذا على المرء أن يفعل ليجد معنًى لحياته؟ نفسي
ذات الثماني عشرة، كانت تعرف أكثر عن الحياة؛ كانت تفهم ما عليها فعله بشكل تفصيليّ،
وكانت مليئة بالشجاعة لتجربة كل شيء وأي شيء. حسنًا... لنعد بالذاكرة للخلف...
ذاتي، صاحبة الثماني عشرة ربيعًا، كانت
تقرأ بشكل يوميّ، كانت تكتب كثيرًا، ظنًا منها أنها رُزقت موهبة لنشر رسالة ما. كانت
تردّد دائمًا أنها أدت رسالتها إذا قرأ شخصٌ ما كتاباتها، وأحس بضمة حانية، وبأنه ليس
وحده من يشعر بكل هذه المشاعر الجارفة.
وذاتي، صاحبة الخمس عشرة ربيعًا، كانت
تريد أن تتزوج البحر، وبما أن هذا مستحيل، كانت تردد لنفسها أنها، على الأقل، ستجد
شخصًا عطوفًا، معطاءً، لا يجف عطاءه كالبحر.
أليس غريبًا بعض الشيء أن هذه النسخ
مني كانت تعرف عن الحياة أكثر مما أعرفه الآن؟ نكبر، فننجرف مع تيارات أول العشرينيات.
يصيبك فجأة الخوف ألا تكون "شخصًا" وسط "الناس". ننسى، للمرة المليون،
أن كل واحد منا شخصٌ بذاته، وننسى أن نتنفس.
الوضع يبدو وكأننا نعيش هذه الفترة
محبوسي الأنفاس من فرط التوتر. فقط المحظوظون يدركون ذلك، فقط المحظوظون يتعلمون أن
يسيروا ببطء، وأن ينسوا أمر كل من حولهم من "الناس"، ويمشوا في الحياة على
خطاهم فقط، وليس غيرهم.
صديقي العزيز، سأذهب للنوم اليوم متمنيةً
أن نكون من هؤلاء المحظوظين، وفي الغد، سنحاول أنا وأنت مجددًا.
لكن، أخبرني، هل بدأ أرقك يتحسن؟ أتمنى
ذلك، لأن المحاولة بغير نوم كافٍ مشكلة فعلًا.
تُصبح على خير... ولعل الغد يمنحنا
شجاعة صغيرة لنحارب من أجل أنفسنا، إن لم يحارب أحدٌ لأجلنا.

صديقتي العزيزة،
ReplyDeleteأليس غريباً أن نكبر وننسى كيف نضيء؟
تلك التي في الثامنة عشر كانت تعرف البهاء،
تمسك قلماً كالسيف، وتكتب كالنسيم،
تحب كالمطر، وتعطي كالنهر العظيم.
الحياة ليست حكاية ديزني، لكنها حكايتنا،
حتى لو مزقها الزمن، حتى لو طواها النسيان،
حتى لو تعثرت خطانا بين الألم والأمل،
تبقى قصتنا جديرة بأن تحكى، بأن تكمل.
لا بأس إن لم يحارب أحد لأجلك،
فأنت القوة التي لا تقهر،
أنت البحر الذي لا يجف،
أنت الكلمة التي لا تموت في الزفر.
والأرق؟ مجرد ليل يمر،
يحمل أسئلة بلا جواب،
لكنه يذوب مع الفجر،
ويترك القلب أغنى، والعين أكثر اتساعاً.
ولكن...
هل تعلمين أنك كالكتاب الذي لا يمل؟
كلما أعدت قراءتك، اكتشفت معاني جديدة،
أنت السطر الذي يظل يتردد في الذاكرة،
والقصيدة التي لا تكتمل إلا بوجودك.
لنكن من "المحظوظين"،
ليس لأن الدنيا ستصبح سهلة،
بل لأننا سنتعلم أن نعيش ببطء،
أن نحب بصدق، أن نكون بجرأة.
تصبحين على خير،
وقد يأتي الغد بفرح صغير،
يكفي لأن نبتسم، لأن نبدأ من جديد،
ويكفي لأن أقول: "كم أقرأك بدهشة!"
---
Gustave
صديقي العزيز...
Deleteشكرًا لكلماتك الطيبة الدافئة، هل اسم Gustave هو الاسم الذي تستخدمه عادةً حين تكتب؟ فهذا يصعب عليّ تخمين هويتك إلى حد كبير.
ممتنةٌ لكلماتك للغاية، وممتنةٌ لقراءتك الجيدة، وقد جعلتني كلماتك سعيدة للغاية!
وسأكون أسعد لة تلقيت منك رسالة في أي وقت! :)
صديقتي العزيزه …
Deleteغوستاف هو اسمي في الكتابات الضائعة..
أكره الفرنسية لكني أحببتُ كيف قد تنطقينها!
نعرف بعضنا بما يكفي
والتخمين يبقى جزءاً من متعة الحوار
لماذا نسرع في كشف كل الأوراق؟
وسأكون هنا حين تودين نشر كتابه اخرى!
سأظلُّ هنا.. أنتظرُ تعليقاً.. رسالةً.. أو حتى المحاولةَ مئةَ ألفٍ وثلاثمئةٍ وواحدة!
فهل نلعبُ هذه اللعبةَ مرةً أخرى؟
---
Gustave
صديقي العزيز،
Deleteلست مهتمة بأي من تلك الألعاب، لكنني أكرر شكري وامتناني :)
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
ReplyDelete