الحياة.. مضحكة أحيانًا، وفي أحيانٍ أخرى لا تُطاق، كثيرًا ما أشعرُ أن الحل الأمثل هو الهرب بأي شكل من أشكاله المختلفة، فتكون وجهتي الريف لقضاء شهور الصيف هناك كما كانت تفعل "تايكو" بطلة فيلم غيبلي "Only Yesterday"، وربما إلى مصحة عقلية حتى يتسنّى لي التركيز على صحتي النفسية فقط لا غير، وفي أحلك الأوقات لا يسعني إلا أن أتصور أن الموت هو الخلاص..
ولمَ لا؟ فالموت يعني عدم تكرار الألم، فحتى
وإن مرّ المُر الآن، سيأتي غيره، وحتى وإن تخطيتُ خسارة صديق عزيز، سأخسر غيره حين
يصبح عزيزًا، وطبعًا لا داعي لذكر ألم الفقد، فقد سبق وقال موراكامي في الغابة النرويجية أن
ما نتعلمه حين نفقد عزيزًا لن يكون ذا جدوى عند مواجهة حزن آخر ينتابنا دون إنذار.
لا يوجد إنسان على وجه البسيطة لم يمر بأزمة
وجوديّة لمرة واحدة على الأقل، لماذا أنا على قيْد الحياة؟ تُرى ما السبب الذي
خُلقت من أجله؟ وما السبب الذي يمكن أن أتمسّك به كحبل نجاة لأقاتل به كل الأفكار
السوداوية المتزاحمة؟ كل هذة التساؤلات طبيعية، وعلى الأرجح إذا توقفنا عن سؤال
أنفسنا كل فترة سنصبح كالموتى الأحياء!
ما الذي يدفعنا للمواصلة رغم معرفتنا بأن
الحياة مليئة بالألم؟ الأهداف؟ ربما أشخاص؟ الكتب التي لن يتسنّى لنا قراءتها إن
فارقنا الحياة؟ أم موسيقى فناني المفضل؟ هذا السؤال يراودني مذ كنت طفلةً في
السابعة، وتتغير إجابته كلما زاد العدد بجانب خانة "العُمر"، لكن أعتقد
أنني أخيرًا توصلت لإجابة قد تكون الأقرب للصحيح، خلال رحلة علاجي من الاكتئاب
-والتي لم تنتهِ بعد- شاهدت نفسي أتغير تدريجيًا، فمن قبل كان الوحش الضاري يضع
كلتا يديه أمام عيناي ويسد كل الطرق أمامي، أما الآن وقد ضعفت سلطته بشكل كبير،
أدركت أن البشر يواصلون حياتهم لأنهم يؤمنون أن هذا بالتأكيد وبلا شك سيمر.. وأصبحت
أنا الأخرى أقرب لعقلية البشر الطبيعيين.. الصعب سيمر، سيؤلم قليلًا أو حتى
كثيرًا.. لكنه يمر، لا يوجد غشاء يحجب عني رؤية الجانب الجميل من الحياة بعد
الآن..
منذ شهر تقريبًا، كنت أمر بفترةٍ صعبة، وكنت
أشعر بغضبٍ شديد مكتوم يمتص روحي تدريجيًا وخفت أن أقع من على الحافة مرة أخرى،
خفت كثيرًا أن أعود إلى القاع.. أن يعود الوحش الضاري مرة أخرى.. وقتها حاول أحد
الأصدقاء مواساتي وسألني إن كان بإمكانه الاعتذار لي "بالنيابة عن
الحياة"، كان وقع الكلمة عليّ كنسمة هواء في يومٍ شديد الحرارة، وشعرت بجبل
الغضب الشاهق يختفى، كان اعتذارًا لم أفكرْ يومًا أنني أحتاج سماعه.. اعتذارًا
بمثابة معاهدة سلام وصلح مع الحياة..
وها أنا ذا اليوم.. أعتذر لكَ أنتَ أيضًا يا
صديقي بالنيابة عن الحياة.. كل ما مررت به من صدمات نفسية وما تمر به الآن ليس خطأك،
نوبات القلق ليست خطأك، كرهك لذاتك ليس خطأك، احتياجك لوقت تقضيه وحيدًا ليس خطأك،
لكن بلا شك أنت المسئول الوحيد عن تعافيك، رحلة التعافي طويلة لكنها مجزية، وأنت
يا صديقي تستحق أن تتعافى من كل ما يؤلم، لا تدع عقلك يخبرك بغير ذلك فهو يكذب، لا
أنت لا تستحق الألم، وأنا أعتذر بالنيابة عن الحياة أنك تفكر بهذة الطريقة، خذ
نفسًا عميقًا.. أنا سعيدة أنك حيٌ اليوم، وممتنة لمحاولاتك الدائمة أن تنهض وتحاول
من جديد..
سننجو يا صديقي، وسنعيش كل يوم على أكمل وجه،
دعنا في الوقت الحالي نستمتع بكوب القهوة المثلجة مع الكعك، ونشاهد الغروب الساحر
من النافذة، ونقرأ قصيدتنا المفضلة بصوت عالٍ..
سيأتي يوم ننظر فيه لأنفسنا في المرآة ونتخيل
طفلنا الداخلي وقد ابتسم لنا، فقد أصبح حرًا طليقًا أخيرًا! لنعش حتى يأتي ذلك
اليوم!

بقالي فترة طويلة محستش براحة نفسية كدا
ReplyDeletethis made me tear up alot
DeleteI'm so glad it brought you comfort <3 and I hope they were the good type of tears that sets your soul free <3
DeleteThis was much needed. Im so glad you got back to writing. It strangely feels like I got back to writing, which was nostalgic and comforting. Keep up the great work hunbun <3
ReplyDeleteI'm so glad it brought you comfort <3 Thank you so much Farah for your continuous support <3
DeleteThis comment has been removed by the author.
ReplyDeleteToday, I reread the blog post because it touched my heart")
ReplyDeleteI'm so glad you're blogging again, keep going 💕
Thank you so much Fatema <3 I'm glad you liked it that much <3
Delete