استيقظت هيلين تمامًا في التاسعة صباحًا، أول ما قامت به هو فتح مفكرتها لتكتب ما عليها فعله خلال اليوم، كما تعلم "هيلين" تنسى كثيرًا...
"-اشتري بعض البقالة، أوشكت أن تفرُغ
الثلاجة.
-اتصلي بأمك.
-الغداء تفاحة مع بعض القهوة، حافظي على
الحمية.
-الركض لثلاثين دقيقة.
-لا تنسي موعد الطبيب النفسي."
وضعت المفكرة بعيدًا، قامت بتشغيل
موزارت ليقوم بتسليتها بينما تحضر الفطور، لفتت انتباهها رسالة من "جون"
فكلاهما نادرًا ما يتكاتبان، فتحتها:
"تعالي إلى بيت "ليام
بينجامين" فور رؤيتك لهذة الرسالة، عاد القاتل المتسلسل" -جون في
الثامنة والنصف صباحًا.
تركت حبوب الفطور واللبن وأسرعت
فورًا إلى بيت السيد "ليام"، لقد كانت تعرف المنزل حق المعرفة لقربه من
مسكنها، لقد قالت له صباح الخير في الكثير من المرات.. لقد كان مبتسمًا دائمًا،
ووحيدًا كذلك.
أخرجت شارتها للضباط وأسرعت بالدخول،
مازال فريق الطب الشرعي في المكان، والعجوز على الأرض مغمض العينين بسكين في قلبه،
يوحي شكله بأنه مات في سلام، لا وجود لأي دليل يوحي بفزعه وقت موته.. ما مدى مهارة
من قتله؟
قرر فريق الطب الشرعي تشريح الجثة،
فالعجوز لا أهل له، كبُر في ملجأ للأيتام، درس وحده وبنى نفسه بنفسه، من المحزن أن
توافِه المنية بتلك الطريقة، احترمه جميع من في البلدة، لابد أنهم فجُعوا فيه.. مع
عدم وجود أي شخص لمعارضة تشريح جثته، شرع الفريق في ذلك، فإن لم يكن انتحارًا، كيف
لمن ماتوا عدم إبداء أي رد فعل يوحي بالفزع أو الخوف أو الألم حتى؟
عاد "جون"
و"هيلين" إلى مركز الشرطة بقلوب ثقيلة، فشلا في إنقاذ ضحية أخرى، يجب
عليهما الإمساك بالمجرم سريعًا، لكن ما باليد حيلة سوى انتظار نتيجة التشريح التي
ستظهر خلال يومين..
من حسن الحظ أن موعد الطبيب النفسي
اليوم، فقد أوشك قلبها أن ينفجر، تريد البكاء لكن ليس باستطاعتها ذلك، لا يجب على
الشرطي أن يظهر تعاطفًا ناحية القضايا التي يتعامل معها، علمها المحقق
"هنري" تلك القاعدة في أولى أيامها في المركز، والآن ها هي ذا تحاول حبس
دموعها أمامه بينما يدونُ مستجدات القضية.
مر اليومان وكأنهما سنتان، أظهرت
النتائج وجود مخدر "....." في دم العجوز، وضحت الصورة للجميع، القاتل
الصديق الذي يستغل ثقة أهل كارمل به، يشرب معهم ثم ما يلبث أن يضع سكينه في
قلوبهم، هذا في رأيي أشد أنواع القتل قسوةً.. يفتح لك الشخص بابه ويؤنسك ثم في
لحظة واحدة يخونك!
لقد كان قاتلًا ذكيًا حتى الآن، لم
يترك وراءه أثرًا قط ثم أثبت غباءه في لحظة، ربما كان عليه اختيار شخص آخر له
عائلة ترفض تشريح الجثة، اقتربوا خطوة واسعة نحو معرفة القاتل.. حتمًا سيقضي باقي
أيامه خلف القضبان عمّا قريب.
"لقد كان العجوز مدمنًا على
(.....) في سنواته الأخيرة"، نزلت الجملة على الجميع نزول الصاعقة، وضح
الطبيب حالة العجوز الصحية منذ أول يوم زاره في عيادته، مرت حوالي سنة، لم يتوقع
"هنري" نفسه ذلك التحول في القضية، فإن كانوا اقتربوا خطوة، فقد ابتعدوا
ميلًا.. عادوا إلى نقطة الصفر مرة أخرى.
"هذة الأيام أحاول أن أتحلّى
بالصبر، لم نكن أنا والعجوز قريبين كفايةً، لكن موته أثر فيّ أكثر مما توقعت، أذهب
للطبيب النفسي باستمرار، لكن العلاج لا يفيدني في شيء..
أنا قلقة، من سيكون الضحية
التالية؟ هل يمكن أن تكون أنا؟ يقوم عقلي بتأليف أبشع السيناريوهات الممكنة حتى
أنني لا أستطيع النوم بشكل جيد، المنوم الذي وصفه لي الطبيب بلا فائدة، أحاول أن
أجري لمدة أطول كل يوم على أمل أن يتشتت ذهني، لكن كل تلك الجهود بلا فائدة، هل
يجب عليّ أن أستقيل وحسب؟ لا أستطيع التحمل أكثر...
لا.. سأفعل كما قال الطبيب، سأقول
لنفسي كل يوم أنني أستطيع تحمل ذلك! حسنًا..
لا بأس يا هيلين.. يمكنك.. تحمل..
ذلك..
22/11/2018"
-يُتبَع-

Comments
Post a Comment