[قصة] هيلين - الجزء الأول

 


"ليلة ثانية مضت دون نوم، أشعر بأجفاني ثقيلة، لا بأس يا هيلين! حتمًا يمكنك تحمل ذلك! لم يظهر الجاني بالرغم من مراقبتي للمنطقة بشكل جيد طوال الليل، لم يفعل ذلك؟ لماذا يقتل الأبرياء في نفس المنطقة كل مرة؟ وكيف يعلم أننا سنراقبه؟ أتراه قام بتركيب أجهزة تنصت في مركز الشرطة؟ صراحةً سئمت من كل هذا، سئمت من صوت شخير جون طوال الليل، لا أعلم لماذا أصبح شرطيًا إن كان سينام في جميع دورياته ببهذا الشكل.. هذة أصعب قضية أعمل عليها خلال سنوات عملي الثلاثة..

لا بأس يا هيلين! حتمًا يمكنك تحمل ذلك!

لا بأس يا هيلين! تستطيعين تحمل ذلك!

 15/11/2018 "

 

أغلقت هيلين دفتر يومياتها، ورمقت جون النائم بنظرة اشمئزاز، ثم تحركت بالسيارة عائدة إلى مركز شرطة كارمل التابع لولاية كاليفورنيا، كارمل مدينة صغيرة نادرًا ما تكون منبعًا للحوادث الخطيرة، مدينة ساحرة قريبة من البحر ومليئة بالمكتبات والمتاحف، لمَ ستكون مدينة كهذة منبعًا للمشاكل؟ لكن ذوي النفوس الشريرة موجودون في كل مكان، فقد أهل كارمل مؤخرًا إحساسهم بالأمان بسبب حوادث القتل المريعة، وكلها تحدث بنفس الطريقة: سكين يخترق قلب الضخية، لا آثار لقتال أو دفاع عن النفس، لا بصمات أصابع، وتتم العملية دائمًا في الليل، من الصعب تصديق أن أربعة أشخاص قرروا الانتحار في نفس الأسبوع، لذلك افتتح التحقيق على أنه يوجد قاتل متسلسل قرر سلب أهل تلك المدينة سلامهم..

تخرجت هيلين ذات الشامة -كما يحب جون مناداتها- في كلية الشرطة عام 2015، بدأت عملها فورًا مع جون الذي يكبرها بخمسة أعوام، أما سبب اللقب الذي أطلقه عليها فهو وجود شامة كبيرة نسبيًا على يدها اليسرى، لطالما كرهت تلك البقعة على جلدها، وقد نجح حتمًا في مضايقتها.. لذلك دائمًا ما ترتدي القفازات الجلدية، تبدو هيلين كفتاة شقراء صلبة تحب نفسها، لكن من السهل جدًا أن تفقد ثقتها بنفسها على عكس ما تبديه للناس.

ما إن وصلت إلى مركز الشرطة حتى رمت مفاتيح السيارة على وجه جون ليستيقظ، أخبرها مئات المرات ألا تفعل ذلك لكنها لا تستمع قط، ربما تلك وسيلتها الوحيدة للانتقام منه..

الضحية الأولى كانت "سوزان جورج"، سيدة في خمسينياتها تعيش وحدها بعد وفاة زوجها منذ حوالي سنة تقريبًا، وجدتها مدبرة المنزل والسكين يخترق صدرها صباح الأحد، كان من الصعب الحكم بأنها تعرضت للقتل لذلك أغلقت القضية على أنها انتحار، فقد كانت سيدة بائسة وحيدة لا سبب لها لتعيش -كما وصفها الجيران-، لكن أعيد فتح القضية عندما توفيت "نانسي ماكس" ذات العشرين عامًا، وجدها أهلها على نفس هيئة "سوزان"، ثم "مارك ويليام" ذو الخمسة والستين عامًا، و"آن مايكل" ذات السبعة والعشرين، المشترك بينهم جميعًا أن الأهل لم يسمعوا أي صوت في الليل، لكن كما ذكرنا، من الصعب تصديق أن أربعة أشخاص انتحروا بنفس الطريقة وفي أربع أيام متتالية!

هنا قرر مركز الشرطة التحرك، هيلين وجون مسئولان عن الجولة الليلية لمدة يومين متتاليين، طوال الثلاث سنوات، لم تضطر "هيلين" أن تسهر أبدًا، كما أنها شخص يفضل الصباح حيث ضوء الشمس الذي يملؤها حيويةً، عل عكسها "جون" دائمًا ما يأخذ دورياته في الليل، لكنه دائمًا ما يركن السيارة في مكان ما ويغط في نوم عميق..

بعد إخبار المحققين بالمستجدات، نامت "هيلين" جالسةً على كرسي مكتبها، لكن سرعان ما أيقظها رنين الهاتف، على الأقل لن تضطر إلى العمل الليلة.. نظرت إلى الشاشة بنصف عين مفتوحة، إنها والدتها التي تعيش في أريزونا، تحدثتا لمدة ثلاث دقائق تمامًا كالمعتاد، لا تسأم والدتها أبدًا من سؤالها عمّا أكلت، كما تخبرها دائمًا ألا تكثر من الكافايين، وفي كل مرة، تنظر "هيلين" إلى كوب قهوتها وتبتسم.

أخيرًا حلّ الليل، ذهبت "هيلين" إلى المنزل ورمت بجسدها على السرير بملابس العمل، كانت مرهقة للغاية، لم تقم حتى بتشغيل موسيقى كلاسيكية كعادتها، لم تعلم أنها ستستيقظ على خبر موت "ليام بينجامين" البالغ من العمر ستين عامًا بسكين يخترق صدره...

 

-يُتبَع-

 

Comments

Post a Comment